تقنيات التعلُّم السريع ومنهجياته وفلسفته وضعت لكي تلقي الضّوء على الكيفيَّة السريعة للتعلُّم، وكيف يمكن ترسيخ المعلومة أو المهارة في اللاواعي بطريقة تلقائيَّة وسلسة، وكيف يمكن انسياب هذه المهارة الذهنيَّة أو السلوكيَّة في لاواعي المُتعلِّم في جو من المرح الطفولي والذي يُعَدُّ روح التعلُّم السريع.
إلا أنه تبقى إشكاليَّة تشخيص كيفيَّة التعلُّم السريع وإلى من هي موجّهة، بمعنى أنّ هناك سؤالاً يطرح نفسه يحيلنا إلى الجهة المقصودة من التعلُّم السريع، أهي المُدرِّب أم المُتدرِّب، المُعلِّم أم المُتعلِّم. وبصيغةٍ أوضح، هل تقنيات التعلُّم السريع وضعت لكي تجيب عن سؤال (كيف أتعلَّم بسرعة) (المقصود هنا المُتدرِّب) أم كيف أعلم بسرعة (المقصود هنا المُدرِّب)؟
وفي الحقيقة هو سؤال جوهري يموقع واضعي التعلُّم السريع في إطار يُوضِّح الاختلاف المنهجي بين الكيفيتين: كيف أتعلم بسرعة وكيف أعلم بسرعة. فخلال دورة التعلُّم السريع، من واضع تقنياته، المُدرِّب أم المُتدرِّب؟ وخلال حصة تعليميَّة ، من واضع تقنياته، المُعلِّم أم المُتعلِّم؟
فكيف أتعلَّم بسرعة (المقصود هنا المُتدرِّب) تحيلنا إلى أن المُتعلِّم هو المركز الأساسي من عمليَّة التعلُّم، ومن ثمَّ تتمحور العمليَّة أو التصميم التدريبي للوصول إلى النتيجة المرجوة من المُتعلِّم، لأن التعلُّم السريع يقاد بشيء واحد والذي هو النتائج. فالفرق ظاهر بين النتيجة المرجوة من التعلُّم السريع والكيفيَّة التي يصمم بها التعلُّم السريع، أي أن دورات التعلُّم السريع صممت للمؤهلين لعمليَّة التعلُّم، بما فيها المعرفي و الشعوري والسلوكي، لمن يكون ساهرا على تأطير عمليَّة التغيير المطلوبة لذلك المُتعلِّم. فدورات التعلُّم السريع تمكن المؤطر (المُدرِّب، المُعلِّم) من امتلاك أدوات وآليات فاعلة لكي تجعل المُتعلِّم يتعلَّم بسرعة، أي بطريقة سلسة. وبهذا تكون عمليَّة هيكلية و فلسفة متكاملة عن الحياة والتعلُّم لكونها عمليَّة شاملة للجسد والروح والعقل.
لذا يخضع المُتدرِّب أو المُتعلِّم لسلسلة من الأنشطة المتعاقبة يكون المُدرِّب أو المُعلِّم هو المدبر لها في الزمان والمكان، وهو الموجه و الضابط القائد لسياقاتها. وما على المُتدرِّب أو المُتعلِّم إلا أن ينساق في نسق السمة المقترحة التي تبحر به في الكم الهائل من المعلومات التي تتدفق عليه من بداية الدورة (أو الحصة التعليميَّة) إلى نهايتها، فمصممو ومُدرِّبو التعلُّم السريع يبحثون باستمرار عن أفضل الطرائق لجعل التعلُّم أسرع وأكثر مرحا وأكثر فاعليَّة و أكثر انغماسا لكل المُتعلِّمين الذين يكون دورهم ليس امتصاص للمعرفة ولكن بناء المعرفة القابلة للتطبيق. فالمُتدرِّب يكون في حالة أوليَّة أو حالة راهنة، ثم يخضع لعمليَّة التعلُّم السريع لكي يخرج وهو في حالة مُتغيِّرة (الحالة المطلوبة).
إنه سياق منهجي يحيلنا إلى الإجابة إلى من هي موجهة كيفيَّة التعلُّم السريع. هل للمُدرِّب أم للمُتدرِّب؟ أكيف أتعلم بسرعة أم كيف أعلم بسرعة؟ هذا السياق يحيلنا إذاً إلى أن المُدرِّب (أو المُعلِّم) هو الذي يطلب منه تهيئة وإعداد كل ما تتطلَّبه الدورة من أنشطة تناسب المحتوى والأهداف المسطرة، وتطلب منه كذلك زرع روح التعلُّم السريع بين المُتدرِّبين، يحيلنا إذا إلى القول إنّ تقنيات التعلُّم السريع ومنهجياته وفلسفته وضعت لكي تجيب عن الكيفيَّة السريعة للتعلُّم، كيف أعلم بسرعة وليس كيف أتعلم بسرعة.