لماذا التعلم السريع؟ هل له نتائج مؤكدة؟ كلما تكلمنا عن التعلم السريع في السنوات الأربعة السابقة كان السؤال الذي يُطرح بقوة وبشكل متكرر: هل هناك أبحاث، أو دراسات أو أي شيء يثبت فعالية التعلم السريع؟ وأعتقد أنك تتفق معي على ضرورة أن نحتاج إلى أدلة واقعية تثبت جدارته، وسنعرض عدة مقالات فيها أدلة من دراسات وتجارب بداية من أبحاث لوزانوف ثم روسيا ثم هنغاريا ثم الولايات المتحدة وأخيراً من دمشق والدوحة وجدة ومراكش والخرطوم.
قام معهد لوزانوف التعليمي في سيلف سبرينغ، ميريلاند[1]، وهو عبارة عن منظمة مرخصة من الدكتور لوزانوف شخصياً، بتعليم المتعلمين في العديد من أرقى الشركات والمؤسسات في الولايات المتحدة وغيرها. ومن هذه الشركات والمؤسسات مكاتب اليونسكو، شركة أرامكو، بيل للهواتف، توك روز، الخطوط الجوية السعودية، دلتا للطيران، جنرال موتورز، سلسلة فنادق هيلتون، قسم التجارة، قسم الدفاع وقسم الولاية في حكومة الولايات المتحدة، شركة شيل النفطية والمئات من المؤسسات الكبرى.
تم منح الدعم بهدف تطبيق تقنيات التعلم السريع في أماكن التعليم العالي والتعليم الابتدائي، ويوجد لدى المعهد الآن العديد من العقود لتطبيق طريقة لوزانوف ضمن أنظمة المدارس العامة في شيكاغو، بريستول، فيرجينيا وديترويت. خلال عامي 1981-1982 بدأ المعهد الأمريكي للخدمات الأجنبية باستخدام تقنيات التعلم السريع بهدف تعليم لغات أجنبية محددة ولقد قام نظيره الروسي في موسكو بالمثل[2].
التعلم السريع ...لمن؟
قد يتبادر للأذهان أن التعلم السريع لطلاب المدارس فقط، وقد يتساءل البعض عن جدوي تطبيقه في مجال التعليم العالي والكليات التي تدرس مواد لا علاقة لها بعلم اللغات.
نحيل القارئ في هذه الجزئية إلى إحدى الدارسات الرائدة التي قام بها رايموند ولكيوسكي (Raymond J. Wlodkowski) وآخرون في ثلاثة جامعات بإسبانيا. كان الهدف الرئيسي من الدراسة هو التعرف على أثر التعلم السريع في زيادة كفاءة التعليم الجامعي. تم اختيار ثلاثة مواد تدرس لطلاب البكالوريوس وهي: مادة أساسيات التسويق (Marketing of Fundamentals)، مادة الاحصاء business Statistics)) ومادة قانون إدارة الأعمال (Business Law). تمت الدراسة على 169 طالب وطالبة، وكانت النتائج مرضية جداً حيث أوضحت أن 83.1% من الطلاب أوضحوا انهم قد اختاروا الدراسة بتلك الكليات لأنها تستخدم التعلم السريع، 90 % نظروا إلى التجربة بشكل إيجابي ما بين مؤيد بشدة ومؤيد فقط، بينما أحرز ثلثي الطلاب علامات جيدة في المواد المذكورة آنفا.[3]
وإذا ذهبت في سياحة سريعة على الشبكة العنكبوتية فستكتشف ان هناك أعداد متزايدة من الكليات والجامعات التي بدأت باعتماد سياسة التعلم السريع سواء في برامجها العادية أو برامج التعلم عن بعد.
النتيجة: لقد أقام مركز دبي للتعلم السريع الكثير من الدورات في التعلم السريع في السنوات الستة الأخيرة وعلى نطاق واسع، في سوريا والإمارات العربية والمملكة المغربية والسودان وقطر والمملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية وسلطنة عمان، ولقد انتشر الكثير من ممارسي التعلم السريع في التطبيق، ولقد تحدثنا مع عدد كبير منهم حول النتائج من التعلم السريع فكانت جميع آرائهم ووجهات نظرهم متشابهة: "التعلم السريع هو طريقة تعليمية ذات قيمة وأهمية عظيمة". يقول يوسف دوارة وهو مدرب بارع في مجاله: "إنه شيء عظيم أن تساعد القسم الأكبر من المتعلمين على تحقيق النتائج التي عادة ما يحققها القسم الأقل من المتعلمين والذين نطلق عليهم لقب العباقرة".
كل شخص تحدثنا إليه اعترف بالدور الرئيسي الذي قام به الدكتور لوزانوف، لكنهم كانوا متفقين بالإجماع أن التعلم السريع قد تطور بشكل أكبر وأبعد من الطرق التي تخص شخصاً واحداً بعينه. التعلم السريع هو الآن حركة، حركة يساهم بها الآن الآلاف من المعلمين المحترفين وعلماء النفس التعليمي حول العالم، وفي عالمنا العربي أيضاً. إنها نمط من التعليم الذي يستمر في التطور ولقد تميزنا في كتاب "التعلم الطبيعي – التعلم السريع" ليس فقط من أجل أن نجعلك تصل إلى "حالة من الفن والإبداع" وإنما لنجعل هذا الفن والإبداع جزءاً من حياتك الشخصية.
الدكتور محمد ابراهيم بدرة
دار إيلاف ترين للنشر، كتاب التعلم الطبيعي، النسخة الأولى، المؤلف الدكتور محمد ابراهيم بدرة، 2012.
[1] The Lozanov Learning Institute in Silver Springs، Maryland.
[2] تعليقات الصحافة: يوجد الآلاف من المقالات في الصحافة العالمية تتحدث عن تفاصيل فاعلية التعلم السريع داخل الغرف الصفية. صدر عن بازار هاربر في نسخة عام 1980 مقالة كاملة متعلقة بالتعلم السريع تحت عنوان "التعلم السريع: تكلم لغة جديدة خلال أيام". حددت المقالة الجانب الرئيسي من التعلم السريع وهو: أن عقل الإنسان قادر على تحقيق الأحلام العظيمة عندما يتم إزالة عقبات التعليم من أمامه. فقد أذاع برنامج التعلم السريع الفقرة التالية "إنهم مُوجهون للتغلب على الخوف، توبيخ النفس والأفكار السلبية حول قدراتهم المحدودة. إنهم يستطيعون الوصول إلى توقعات إيجابية ومعدلات نجاح مرتفعة في أماكنهم". الحالة الأكثر تميزاً في التقرير كانت عبارة عن قاعة صفية تم تعليمها اللغة الفرنسية، وبعد يوم متواصل من التعليم باستخدام التعلم السريع تم إجراء اختبار للمتعلمين. وكانت نسبة التذكر الصحيح للكلمات هي بمعدل 97%. من الواضح أنهم قد تعلموا 970 كلمة باللغة الفرنسية خلال يوم واحد. الآن وفي حين أن قياسات الأساس هي إدراك معنى كل كلمة فرنسية باللغة الإنجليزية، فقد كان هناك نقطة واحدة ذات أهمية في الاختبار. لم يتم إخبار المتعلمين على الإطلاق عن مدى التجربة (أي أنهم سيتعلمون 900 كلمة). كان الباحثون متأكدين أن ردة الفعل الغريزية للمتعلمين تقول إنه "من المستحيل" تعلم 900 كلمة في يوم واحد. ولكن التجربة أظهرت للجميع أن كلمة "مستحيل" هي كلمة لا وجود لها إلا في الخيال.
[3] Raymond J. Wlodkowski and Luis Iturralde-Albert، Special Report on ACCELERATED LEARNING RESEARCH PROJECT، Puerto Rico، 2nd Phase، January، 2001 to December، 2001