لماذا التعلم السريع؟ هل له نتائج مؤكدة؟ كلما تكلمنا عن التعلم السريع في السنوات الأربعة السابقة كان السؤال الذي يُطرح بقوة وبشكل متكرر: هل هناك أبحاث، أو دراسات أو أي شيء يثبت فعالية التعلم السريع؟ وأعتقد أنك تتفق معي على ضرورة أن نحتاج إلى أدلة واقعية تثبت جدارته، وسنعرض عدة مقالات فيها أدلة من دراسات وتجارب بداية من أبحاث لوزانوف ثم روسيا ثم هنغاريا ثم الولايات المتحدة وأخيراً من دمشق والدوحة وجدة ومراكش والخرطوم.
تجربة 1400 في دمشق وجدة ومراكش: بدأت إيلاف ترين بتقديم دورات تدريب المدربين منذ بدايات 2006، وتستمر هذه الدورة لمدة اثني عشر يوماً ولمدة عشر ساعات يومياً تقريباً، ويتم في اليوم الأخير منها اختبارين، الأول مهاراتي، والثاني معرفي والذي يتم فيه اختبار المتعلم بأربعة كتيبات يتجاوز عدد صفحاتها 1400 صفحة والتي يتعرف عليها المتعلمون أثناء الدورة. وكانت نسبة الاجتياز لا تتجاوز الـ 70% في أحسن الأحوال. وفي عام 2007 تم تعديل منهاج هذه الدورة وتم إدخال روح التعلم السريع في كل جزئياتها تقريباً وخاصة عنصر زيادة الأنشطة والحركة للمتعلمين. وقامت إيلاف ترين بتقديمها لأول مرة في الدوحة في فبراير 2008، وكانت النتائج أكثر من مذهلة، كانت نسبة الاجتياز 100%، ناهيك عن النشاط الذي لم يفارق المتعلمين من الثامنة صباحاً إلى السادسة مساءً. واستمرت هذه النتائج المذهلة بالظهور تباعاً في دمشق ومراكش وجدة والخرطوم، حيث كانت نسبة الاجتياز 100%. ولقد شارك المدربان حسين حبيب السيد وحمزة الدوسري في تدريب هذه الدورات. وبحسب حسين فقد "تضمنت الدورة بالإضافة للفنيات، ألعاب المسرح، الألعاب بالإضافة لبعض المواد التعليمية التقليدية، بهدف إنجاز التعليم الدماغي بشكل كامل". فكل شيء في البيئة، الألوان، الأصوات، الإيقاعات، الأشكال، وحتى مظهر النصوص، كان مهماً في عملية التعليم. "لقد قمنا بتنسيق جميع هذه العناصر المحفزة" قال حسين "وكذلك تم دمج الطاقات العاطفية والجسدية والعقلية بهدف استخلاص جميع الطاقات والقدرات الموجودة داخل الدماغ". ويردف حمزة قائلاً: "لا يدرك العقل فقط الأمور البسيطة والمجزأة، وإنما يستطيع بشكل ثابت حياكة نمط كبير من خبراتنا. فإذا قمت بتغذية هذا العقل بأكثر من جانب بحيث تكون هذه الجوانب جيدة التنسيق ومتناغمة من أجل إنجاز هدف محدد، فلن يكون هناك فعلياً أي شيء يصعب تعلمه".
النتيجة: لقد أقام مركز دبي للتعلم السريع الكثير من الدورات في التعلم السريع في السنوات الستة الأخيرة وعلى نطاق واسع، في سوريا والإمارات العربية والمملكة المغربية والسودان وقطر والمملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية وسلطنة عمان، ولقد انتشر الكثير من ممارسي التعلم السريع في التطبيق، ولقد تحدثنا مع عدد كبير منهم حول النتائج من التعلم السريع فكانت جميع آرائهم ووجهات نظرهم متشابهة: "التعلم السريع هو طريقة تعليمية ذات قيمة وأهمية عظيمة". يقول يوسف دوارة وهو مدرب بارع في مجاله: "إنه شيء عظيم أن تساعد القسم الأكبر من المتعلمين على تحقيق النتائج التي عادة ما يحققها القسم الأقل من المتعلمين والذين نطلق عليهم لقب العباقرة".
كل شخص تحدثنا إليه اعترف بالدور الرئيسي الذي قام به الدكتور لوزانوف، لكنهم كانوا متفقين بالإجماع أن التعلم السريع قد تطور بشكل أكبر وأبعد من الطرق التي تخص شخصاً واحداً بعينه. التعلم السريع هو الآن حركة، حركة يساهم بها الآن الآلاف من المعلمين المحترفين وعلماء النفس التعليمي حول العالم، وفي عالمنا العربي أيضاً. إنها نمط من التعليم الذي يستمر في التطور ولقد تميزنا في كتاب "التعلم الطبيعي – التعلم السريع" ليس فقط من أجل أن نجعلك تصل إلى "حالة من الفن والإبداع" وإنما لنجعل هذا الفن والإبداع جزءاً من حياتك الشخصية.
الدكتور محمد ابراهيم بدرة
دار إيلاف ترين للنشر، كتاب التعلم الطبيعي، النسخة الأولى، المؤلف الدكتور محمد ابراهيم بدرة، 2012.