معلمون يتكلَّمون عن تجاربهم الشخصيَّة في التعلُّم السريع
كتب الأستاذ (محمد عبد العظيم زيدان) مُدرِّس رياضيات: أرى من الأمور الهامة لكل مُدرِّس أن يقول: ليست الطريقة التي تعلمنا بها في الماضي هي الطريقة المثلى أو الصحيحة للتعليم. ومن ثمَّ لا تصلح هذه الطرائق اليوم لتعليم أبنائنا ولاسيما أن معظمنا تعلم بطرائق تقليديَّة تعتمد أساساً على الحفظ والتلقين. حتى أني لا أذكر يوماً درست فيها حصة رياضيات عمليَّة منذ الصف الأول الابتدائي سبتمبرعام (1977) حتى التخرج في الجامعة في مايو (1993).
من هنا جاءت فكرة التعلُّم السريع (التعلُّم الصحيح) الذي يجعل من الطالب شخصاً فاعلاً في عمليَّة التعلُّم ويمارس التعلُّم بكل حواسه فهو يرى و يعلق و يكتب رأيه و يقيس أطوال الأشياء و يحسب المساحة والحجم ويقوم بنفسه بتركيب نماذج من الورق أو البلاستيك للأشكال الهندسيَّة ليكتشف بتوجيه وإرشاد من أستاذه خصائص هذه الأشكال والقوانين المرتبطة بها و يتحرك في المدرسة و يقيس الأطوال لحساب المساحات و يخرج الى الساحة الخارجيَّة لكي يرى بعينيه التناسب بين طول الشيء و ظله و مدى فائدته في حساب أطوال المباني العالية أو الجبال دون مشقة و عناء و من خلال تقسيم الطلاب إلى مجموعات عمل يتعلَّم الطالب من خلالها التعاون مع زملائه و إن نجاح أي عمل لا يأتي من مجهود فردي و لكن يأتي محصلة مجهود فريق من الأشخاص مهتمين متعاونين و يحب بعضهم بعضاً.
انظروا كم قيمة إيجابيَّة يمكن أن يكتسبها ويتعلَّمها الطالب من خلال التعلُّم التعاوني أو العمل من خلال مجموعات. ومنذ اشتغالي بمهنة التدريس وأنا أحاول أن أجعل من الرياضيات القوانين والنظريات الجامدة التي يقرؤها القليل من الطلاب في كتب الرياضيات، أن أجعل منها شيئاً محسوساً وملموساً حتى يسبر الطالب أغوارها وتدخل وجدانه وعقله فلا معنى مثلا من تدريس الكسور الإعتيادية ما لم يقم التلاميذ برسمها وقصها ولصقها ومقارنتها بغيرها. الى غير ذلك من الأنشطة العديدة في هذا الدرس واسمحوا لي على الرغم من أنني لم أحضر دورة التعلُّم السريع مع المهندس محمد بدرة أن أعرض عليكم بعض الأنشطة العمليَّة التي قام بها طلابي وهم سعداء فرحون لأنهم يقيسون ويستنتجون القوانين بأنفسهم حتى أني سعدت كثيراً عندما قابلت أحد طلابي في الإجازة الصيفية (صيف 2009) وهو في السنة النهائية في كلية الهندسة وقال لي "ما زلت أذكر ياأستاذ الحصة التي نزلنا فيها الى حديقة المدرسة و قمنا باحصاء أنواع الأشجار الموجودة والنباتات وقمنا في الحصة التالية بعدها بتمثيل هذه البيانات بيانيا" عجبت من أن هذا الطالب يذكر هذه الحصة على الرغم من مرور حوالي (12) عاماً عليها (كان في الصف الرابع الابتدائي) ولكن لا عجب فإن ما يفعله الطالب بنفسه ويمسكه بيديه لاينساه أبداً و يظل محفوراً في عقله ووجدانه ويحضرني هنا حكمة قرأتها بالانجليزية تقول:
أنا أسمع...أنا أنسى
أنا أرى...أنا أتذكر
أنا أفعل...أنا أفهم
وهذه دعوه أخيرة أوجهها الى نفسي أولاً وإلى زملائي من المُعلِّمين أن يداوموا على القراءة والاطلاع وأن يحاولوا جاهدين أن يُطبِّقوا كل الأفكار الإيجابيَّة التي تعلموها في دراستهم حتى ننهض ونرتقي بهذه الأمة التي هي في حاجة ماسّة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى جهد المخلصين من أبنائها... والله من وراء القصد ويهدي السبيل.