حقَّقت البشريَّة مع ثورة المعلومات ثورتها الثالثة، وانتقلت نتيجة هذه الثورة من حال سياسي واقتصادي واجتماعي وإنساني إلى حال آخر شديدة الاختلاف، فقد تطوَّرت معارف الأفراد ووعيهم مرات عديدة في سنوات قليلة، وأدت ثورة المعلومات ووسائلها التقنيَّة إلى وضع النتاج المعلوماتي والعلمي والثقافي والاقتصادي والإنساني بين يدي كل فرد يرغب في الاطلاع عليه.
ويُشكل التحدي العلمي والتقني أبرز التحديات التي تواجه برامج المنظومة التربويَّة والتعليميَّة فالتعليم والتعلُّم يتحرك بسرعة غير مكافئة لسرعة التطوُّر العالمي في كل مجالات الحياة، وهو في مسيرته يمر بمحطات عديدة، ساعدت على توجيه الأنظار إلى ثورة رابعة، فيها يتم تسريع التعلُّم في جميع بيئاته التربويَّة والتدريبيَّة والاقتصاديَّة والصناعيَّة.
وبدأت تؤتي الثمار في مجال التعلُّم السريع، وتعددت البرامج التدريبيَّة التطبيقية التي ساعدت على حصول مشاركيها على شهادات تمنحهم لقب "ممارس مُتقدِّم/ معتمد في التعلُّم السريع، مما أدى إلى إعداد كوادر للعمل بامتياز في هذا المجال التعلُّمي/التدريبي الرائد، ومهد إلى التفكير في اقتراح المشروع ريادي " حاضنات التعلُّم السريع".
طبيعة مفهوم الحاضنة
أن مفردة "حاضنة" تعني ذلك المكان الذي يكون بمنزلة بيئة لشيء معين بغض النظر عن نوعه إذ تقوم الحاضنة باحتضانه ورعايته وتوفير الخدمات له من جميع الجوانب التي يحتاج إليها في واقعه العملي، وإمداده بالطاقة المستمرة لغرض تحقيق التنميَّة المستدامة.
أن الحاضنة مُؤسَّسة تقدم مجموعة متكاملة من الخدمات التعليميَّة / التدريبيَّة للمُؤسَّسات التربويَّة والاقتصاديَّة والصناعيَّة والتجارية من خلال بيئة تدريب مناسبة، مصحوبة بخدمات الدعم الفنيَّة والاستشاريَّة والإداريَّة، مع المتابعة اليوميَّة والمستمرة للمُؤسَّسات قيد الاحتضان بهدف توفير أقصى فرص النجاح لها ومساندتها في تحقيق هذا الهدف خلال فترة مُحدَّدة مع تعزيز هذه الخدمات عبر شراكة وتعاون الحاضنة مع الجهات ذات العلاقة.
التعلُّم السريع... هل هو حاضنة تربويَّة متميزة:
إن أهمية وجود حاضنات التعلُّم السريع ومدى الحاجة إليها، تكمن في زيادة فرص تحقيق اهداف المُؤسَّسة، وتوفير بيئة ملائمة للتعليم والتدريب، والتي تشكل أساس نجاحها أو إخفاقها.
كما تعمل الحاضنات على دعم وتحفيز مهارات وإبداعات المُوظَّفين من أصحاب هذه المُؤسَّسات، إضافة إلى إعداد كوادر قوية قادرة على الاستمرار والنمو في المستقبل، مع المساهمة بشكل كبير في حل مشكلة تدني مستويات الأداء المهني من خلال توفير مزيد من فرص التدريب للعاملين وفق مبادئ واستراتيجيات وأدوات وتقنيات التعلُّم السريع.
وتبعاً للنجاح الذي حقَّقته المراكز التدريبيَّة في التعلُّم السريع ندعو إلى تفعيل وتطوير مفهوم احتضان المدارس والمُؤسَّسات والمُنظَّمات المُتعلِّمة من خلال تطوير الحاضنات للتعلُّم السريع، وذلك لما تؤديه الحاضنات من دور بارز في تنميتها والتي بدورها تسهم بفاعليَّة في عمليَّة التنميَّة التربويَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة على حد سواء.
حاضنة التعلُّم السريع (Accelerated Learning Incubator):
قد تبدو حاضنة التعلُّم السريع في البداية كفكرة بسيطة، لكنها في حقيقة الأمر تعلّم يحمل بين طياته آليات تعليم أكثر تكاملاً وشمولاً، فهي توفر فرص التعلُّم للأنماط المختلفة من المُتعلِّمين، وتتيح لهم أن يختاروا بوعي وتفهم حياة أفضل تحقق لهم ما يتطلعون إليه من تكامل وإشباع روحي ورضا يثري وجودهم ويحقق إنسانيتهم بكلّ مناحيها. ومعلم الحاضنة هو الذي يعمل وفق منهجيَّة تقوم على الشراكة والعمل الجماعي التعاوني، ويكون المُتعلِّم فيها محور العمليَّة التدريبيَّة ومنخرطاً فيها انخراطاً كلياً.
أهداف حاضنات التعلُّم السريع:
- مساعدة المدارس والمعاهد التدريبيَّة على توطين التعلُّم السريع في مواقعهم.
- مساعدة الباحثين التربويين والاقتصاديين على الاستفادة من نتائج الأبحاث التي ينفذونها في حاضنة مركز البحوث للتعلُّم السريع بهدف تطوير التعليم والاقتصاد في المجتمع.
- مساعدة رواد الأعمال على تحويل مُؤسَّساتهم إلى مُنظَّمات متسرّعة التعلُّم ومُنظَّمات فائقة التعلُّم، من خلال إنشاء حاضنات التعلُّم السريع في تلك المُؤسَّسات.
- ربط المُؤسَّسات التعليميَّة بالقطاعات الاقتصاديَّة والصناعيَّة والتجارية.
- المساهمة في نقل التكنولوجيا من الدول المُتطوِّرة تكنولوجياَ وتعزيز استخداماتها وتطبيقاتها بما يخدم عمليَّة البناء التربوي.
مبادئ حاضنة التعلُّم السريع:
إنه لمن الأساسي اعتماد مبادئ التعلُّم السريع الأساسيَّة، كمبادئ يصمم وفقها حاضنة التعلُّم السريع لأن فصل تقنيات التعلُّم السريع ومبادئه الأساسيَّة عن حاضنته، واقتصارها على فلسفته في إحالة التعلُّم في الحاضنة إلى مجرد حيل ذكية وألعاب ممتعة سوف يؤدي بدون أدنى شك إلى تشكيل مُكوَّن يسمى حاضنة التعلُّم السريع. وعليه تعتمد حاضنة التعلُّم السريع على المبادئ الهامة الآتية:
- لا بـُدّ من أن ينسجم التعلُّم مع الطريقة التي يعمل بها الدماغ ويتضمَّن التعلُّم الفعَّال التفكير الخطي المنطقي للدماغ الأيسر، وفي الوقت نفسه التفكير الشمولي الإبداعي للدماغ الأيمن. فالدماغ ليس معالجاً تتابعياً خطياً، بل هو معالج مُتعدِّد المسارات، ويزداد تطوراً كلما كبر التحدي لفعل أشياء أكثر دفعة واحدة.
- يتحسَّن التعلُّم عندما يُـقدَّم بطرائق مُتنوِّعة لكل منا أسلوبه المُميز في استقبال المعلومات ومعالجتها، ولكي يستفيد المُتعلِّم أكبر استفادة ممكنة من التعلُّم لا بـُدّ له من أن تـُقدم إليه مائدة مُتنوِّعة الأطباق غنية بخيارات مُتعدِّدة للتعلُّم.
- يُطبِّق التعلُّم الناجح مبادىء الذاكرة للدماغ قدرة أكبر على معالجة الصور من معالجة الكلمات، فالصور وخاصة الملونة منها أسهل للتذكر من الكلمات. فنحن نتذكر المختلف والمميز بسهولة، ونتذكر الأشياء المترابطة والموجودة في مجموعات، وننسى العادي والمُمِلَّ بسرعة.
- إشغال المُتعلِّم كُـلّه يحسن من التعلُّم بشكل كبير لأن التعلُّم هو عمليَّة بناء المعرفة من قِبَلِ المُتعلِّم نفسه، وليس استهلاكاً لها، فالمعرفة والمعنى والقيم ليست شيئاً يمتصه المُتعلِّم، ولكنها شيئاً يبنيه في داخله. فالتعلُّم الحقيقي هو تعلم بكامل الجسم والعقل ويُشغـِل المُتعلِّم عقلياً وعاطفياً وفيزيائياً.
- يتعلَّم المُتعلِّم ما يريد أن يتعمله لايوجد تعلم دون وجود هدف تعليمي شخصي يخص المُتعلِّم، ويحتاج المُتعلِّم إلى أن يعلم كيف سيستفيد من التعلُّم على المستويين الشخصي والمهني.
- ينمو التعلُّم بقوة إذا أتت المادة التعليميَّة في سياقها من الأساسي بأن تكون البيئة التعليميَّة محاكية للواقع، وأن تساعد على الشعور بالأمان، وتوحي بتوقعات إيجابيَّة للنجاح. ويعد الضحك والمتعة من المُتطلَّبات الأولى للتعلُّم الناجح.
- التعلُّم هو تجربة وخبرة اجتماعيَّة.
دعائم حاضنة السريع:
تُعَدُّ الحاضنة إطاراً يدعم ويمكّن المحتضنين من تبني الأفكار المبتكرة من قِبَلِ الخبراء والمفكرين على حد سواء إذ تقوم بأخذ الافكار وتعمل على تطويرها واستثمارها، وتوفر لها الفرصة لتطوير القدرات والامكانات الإبداعيَّة (كلٍ في مجال تخصصه) وفق مبادئ وأدوات وتقنيات التعلُّم السريع. ونلخص دعائمها بالآتي:
أولاً: التعلُّم المبني على تطبيقات أبحاث الدماغ الحديثة على التعليم
تتعارض أبحاث الدماغ الحديثة في نواح عديدة مع مسلمات التعليم الكلاسيكي التي آمنا بها طويلا. وفي الواقع، لقد بدأت هذه الأبحاث تترك آثاراً ثورية في عالم التعليم والتدريب في الثقافة الغربية. إليك فيما يأتي بعض الأفكار التي ستساعدك على تصميم برامج تدريبيَّة متوافقة مع ما نعرفه حتى اليوم حول الدماغ والتعليم:
- قم بترتيب بيئة العمل بحيث تخلِّ ص المُتدرِّبين من الضغط النفسي وتؤدي إلى مشاعر إيجابيَّة تمكِّنهم من ممارسة كفاءتهم الكاملة عبر التعلُّم بكامل الدماغ.
- قم باختيار التمارين التي تتطلَّب حلَّ المسائل والبحث والمقارنة، لتتيح للمُتدرِّبين فرصة التفكير واكتشاف الروابط وبناء القيم والمعاني بأنفسهم، ومن ثمَّ، بناء شبكات عصبية جديدة في الدماغ.
- اجعل التعليم اجتماعيا، إذ يؤدي التعاون بين المُتدرِّبين إلى استخدام أمثل للقدرات الدماغية، ويحسن التعلُّم نوعا وكمّاً.
- لا تترك المُتدرِّبين جالسين في مقاعدهم، قم بإتاحة الفرصة للحركة الجسديَّة طوال العمليَّة التعليميَّة.
- تجنَّب الشكل الخطي لطرح المعلومات أو تقسيمها إلى أجزاء منفصلة كلما كان ذلك ممكنا، وحاول جهدك أن تربط كل المعلومات بالحياة العامة في سياق متكامل وحقيقي، لتتيح بذلك الفرصة للمُتدرِّبين أن يتعلَّموا بكامل حواسهم وعلى مستويات عدة في وقت واحد.
ثانياً: سافي/الجمع بين المُكوَّنات الأربعة للتعلُّم بكُلِّية الذات
نصل إلى حالة التعليم الأمثل عندما تكون المُكوَّنات الأربعة لسافي حاضرة معاً في أي حدث تدريبي. فعلى سبيل المثال: يمكن للمُتدرِّبين أن يشاهدوا عرضاً ما (بصري) وأن يقوموا بشيء ما في أثناء مشاهدة هذا العرض (جسدي)، ومن ثم مناقشة ما شاهدوه وفعلوه (سمعي) وكيفيَّة تطبيق أفكاره على أرض الواقع (فكري).
يمكن أيضاً أن يعمل الفريق على مهارات حل المشاكل(فكري) في أثناء القيام بشيء مُتعلِّق بالعمل (جسدي) لإنتاج نموذج ثلاثي الأبعاد أو مصوَّر توضيحي (بصري) فيما يشرحون بصوت مرتفع ما يقومون به (سمعي).
ثالثاً: التعلُّم المبني على تطبيقات نظريَّة الذكاءات المُتعدِّدة على التعليم
نظريَّة الذكاءات المُتعدِّدة تسمح للشخص باستكشاف مواقف الحياة المعيشية والنظر إليها وفهمها بوجهات نظر مُتعدِّدة، فالشخص يمكنه أن يعيد النظر في موقف ما عن طريق معايشته بقدرات مختلفة.
إن الكفاءات الذهنيَّة للإنسان يمكن عدُّها جملة من القدرات والمهارات العقليَّة التي يطلق عليها "ذكاءات".
- الذكاء اللغوي: المؤشرات: القدرة على الحفظ /وحب التحدُّث/ والرغبة في سماع الأسطوانات/وإظهار رصيد لغوي/ والشغف بقراءة القصصّ.
- الذكاء المنطقي، الرياضي: المؤشرات: إبداء الرغبة في معرفة العلاقات بين الأسباب والمسببات، والقيام بتصنيف الأشياء، والقيام بالاستدلال والتجريب. والرغبة في اكتشاف الأخطاء، بالإقبال على كتب العلوم.
- الذكاء الاجتماعي: فالمؤشرات هي قدرة الفرد على إدراك أمزجة الآخرين، ومقاصدهم، ودوافعهم، ومشاعرهم والتمييز بينها، ويضم الحساسية للتعبيرات الوجهية والصوت والإيماءات غير اللفظيَّة، كما يتضمَّن القدرة على التفاعل الناجح مع الآخرين على المستويين المباشر وغير المباشر.
- الذكاء الذاتي(الشخصي): ومؤشراته هي معرفة الفرد لذاته (نقاط قوته ونقاط ضعفه)، والوعي بأمزجته الداخليَّة ومقاصده ودوافعه، وحالاته المزاجية والانفعالية، ورغباته، والقدرة على تأديب الذات وفهمها وتقديرها.
- الذكاء الجسمي، الحركي: ومؤشراته هي أن أصحابه قد مشوا في صغرهم مُبكِّراً، فهم لم يحبوا طويلاً، إنهم ينجذبون إلى الأنشطة الجسميَّة، وهم يحبون العمل باستخدام أيديهم في أنشطة مشخصة كالعجين والصباغة.. إلخ.
- الذكاء الموسيقي: ومؤشراته هي أنهم يغنون ويحفظون الأغاني بسرعة، ويحبون سماع الموسيقى والعزف على آلاتها، ولهم القدرة على تقليد الأصوات.
- الذكاء المكاني: مؤشراته هي قدرة الفرد على إدراك العالم البصري المكاني بدقة، وأيضاً قدرته على تحويل هذا الإدراك إلى واقع، وهذا الذكاء يتضمَّن ويتطلَّب الحساسية للون والخط والشكل والطبيعة والمجال والمساحة والعلاقة التي توجد بين هذه العناصر.
- الذكاء الطبيعي: مؤشراته هي أنهم يهتمون بالنباتات والحيوانات، ويقومون برعايتها، كما يُظهِرون شغفاً بتتبع الحيوانات وتربيتها وتصنيفها في فئات، وهم يحبون التواجد باستمرار في الطبيعة، ويوازنون بين حياة مختلف الكائنات الحية، كما تستهويهم المطالعة في كتب العلوم.
رابعاً: التعلُّم وفق دورة التعلُّم السريع (The Accelerated Learning Cycle):
يمكن التفكير في التعلُّم الذي يمارسه الإنسان بوصفه عمليَّة من أربع مراحل:
- التحضير: مرحلة اجتذاب الاهتمام.
- العرض: مرحلة التقديم الأولي للمعرفة الجديدة أو المهارة التي يتم تعليمها، إنها "المواجهة" الأولى بين المُتعلِّم ومادة التعليم.
- التمرين: مرحلة تكامل المعرفة الجديدة أو المهارة الجديدة.
- الأداء : مرحلة تطبيق ما تعلّمه المُتدرِّب على حالات من الحياة الحقيقيَّة.
ولا بد من القول أنه إذا لم تتوافر هذه المراحل الأربع مجتمعة بشكل أو بآخر، فإن التعلُّم لن يكون حقيقياً وتاماً.
نموذج عام:
إن هذه المراحل الأربع للعمليَّة التعليميَّة تصح لجميع أنواع التعليم، إنها وهي أساسيَّة في كل مكان وفي كل زمان. إنها الطريقة التي يتعلَّم بها الأطفال اللعب بالدمى أو قيادة الدراجة الهوائية، وهي الطريقة التي يتعلَّم بها المراهقون لغة جديدة، ويستخدمها البالغون وهم يتعلَّمون أي مجال في الحياة. إنها الطريقة لنتعلَّم العمل على الحاسب الآلي، وفنون القيادة والإدارة، وكل شيء.
خامساً: حاضنة التعلُّم السريع ترتكز على الأفراد المؤثرين فيها سواء فهم الخبراء منهم أم الاستشاريون، والمصممين للدورات، أو المطورين، والمُدرِّبين، والتربويين، والأساتذة، والمُعلِّمين، ورجال الأعمال، والمنسقين وفق الدعم والمساندة، من حيث مهماتهم وكفاياتهم وإعدادهم في مجال التعلُّم السريع واستراتيجياته وأدواته وتقنياته، وعناصر مشكلات تنفيذه، والتوقعات والرؤى المستقبليَّة في ضوء فلسفة وأهداف النموذج التنظيمي المقترح لحاضنة التعلُّم السريع وصناعته.
وتكون أهم معايير قبول دعم المُؤسَّسة في الحاضنة هو أن تكون احتياجاتها التدريبيَّة قد تم حصرها في أسس علميَّة ووفق استراتيجيات التعلُّم السريع المعتمدة عالمياً، وهي تهدف إلى تطوير المنتج والمُتعلِّم والمُتدرِّب، وإمكانية تسويقه.
واليوم، حين ندعو إلى تبني حاضنات التعلُّم السريع في مُؤسَّسات مهمة منها التعليم في مراحله كلها يجب أن نمتلك كفاءة هندسة التدريب. ولكي نقوم بإدارة العمليَّة كلها نحتاج إلى بناء نموذج حاضنة للتعلُّم السريع تكون منظومة عمل متكاملة نتمكن من خلال تطبيقها بناء مُؤسَّسات تعليميَّة أو اقتصاديَّة تؤدي إلى تنميَّة مستدامة في المجتمع.
ولتحقيق ذلك نحتاج إلى إعداد كوادر مهنية قادرة على تفعيل دور حاضنات التعلُّم السريع ليس فقط من خلال بنائها وإنما من خلال إمدادها بالفكر الخلاق والتطوير المتنامي.
أين تؤسس حاضنات التعلُّم السريع؟
- يقترح أن تنشأ حاضنات التعلُّم السريع في المدارس أو الجامعات أو المعاهد التدريبيَّة للاستفادة من الخدمات والخبراء لقاء أجور زهيدة.
- ويمكن أن تتبنى المُنظَّمات المُتعلِّمة الفكرة لاجتذاب المواهب الشابة والأفكار المبدعة في مجال الاقتصاد وتعمل على تأسيس حاضنات للتعلُّم السريع لديها من أجل نقل منتسبيها إلى مستوى الأداء فائق الجودة.
- مع انتشار شبكة الإنترنت، يمكن إقامة الحاضنات الافتراضية في أي مكان لتكون صلة الوصل بين منتسبيها والجهات التي يحتاجون إليها.
خصائص ومقومات إنشاء حاضنة التعلُّم السريع:
- عنوان الموقع والمبنى المتميز.
- الإشراف وتقديم الإرشاد وتقديم الإرشاد على تطبيق دراسة جدوى وخطة عمل الحاضنة للتعلُّم السريع.
- الدعم الإجرائي والفني من قبل الحكومة ومراكز التعلُّم السريع المعتمدة عالمياً: منهما مركز دبي للتعلُّم السريع.
- رأس المال اللازم للإنشاء الحاضنة.
- تركيز أداء المنتسبين إلى الحاضنة على الأداء والابتكار والتطوير المستمر فقط.
- الخدمات المكتبية والتكنلوجية والاتصالات بمختلف أنواعها.
- المتابعة والتحفيز المستمر بوساطة المُتخصِّصين في التعلُّم السريع.
فوائد حاضنات التعلُّم السريع:
المدارس:
- منطقة بحث وتطوير.
- توفير الدعم لعمليَّة التعليم والتدريب للهيئة التعليميَّة والإداريَّة.
- صقل مهارات التعلُّم والتدريب لدى المُعلِّم والإداري.
- تقليل الهدر التربوي، وهدر الوقت في التعليم والتدريب.
- تغيير الثقافة المُؤسَّسيَّة للمدرسة.
الجامعات:
- منطقة بحث وتطوير.
- مُؤسَّسة احتضان تطبيق التعلُّم السريع في الكليات كلٍ وفق تخصصه.
- دخل أضافي.
مراكز التدريب لتنمية الموارد البشريَّة:
- تطوير للتعليم والاقتصاد.
- تغيير ثقافة مُؤسَّسات إدارة الأعمال.
- الإبداع والابتكار في مجال التعليم والتدريب.
أنواع حاضنات التعلُّم السريع:
- الحاضنات المندمجة:
تكون الحاضنة جزءا من مشروع متكامل يتضمَّن مُؤسَّسة تعليميَّة أو بحثية ونطاقا متنوعا من الاهتمامات الأخرى التي تهدف إلى تحقيق تنميَّة مستدامة لمنتسبيها.
- الحاضنات المُتخصِّصة:
تهدف هذه الحاضنات تخصصات بعينها (تربويَّة أو علميَّة أو اقتصاديَّة، ....) لتطويرها، ومن ثمًّ تصبح الحاضنة نواة للنمو التخصصي.
- الحاضنات العامة:
تخدم هذه الحاضنات الكثير من المُؤسَّسات، بدون تخصص مُحدَّد، غير أنها قد تُركِّز خدمتها على مجالات الابتكار.
- حاضنات مُنظَّمات التعلُّم التنظيمي السريع:
وتهدف هذه الحاضنات إلى إنشاء مُنظَّمات فائقة التعلُّم والتي تخضع لمجموعة من الخصائص والقواعد والمبادئ المعياريَّة التي تمكنها من تنميَّة الموارد البشرية بصورة تفوق المُنظَّمات الأخرى وتجعلها قادرة ليس فقط على المنافسة في عالم مُتغيِّر بلا حواجز، بل أيضاً قادرة ومؤهلة للريادة المستدامة في عالم مفتوح وشديد التنافسيَّة. وذلك من خلال الخضوع إلى فرضيات التعلُّم الذاتي السريع والإلزامي واستراتيجيات التحفيز المبني على الربط بين الأداء الفردي والأداء المؤسسي.
- حاضنة من خلال الإنترنت (حاضنة افتراضية)
مع انتشار شبكة الإنترنت أمكن إقامة الحاضنات الافتراضية في أي مكان، لتكون صلة الوصل بين منتسبيها والجهات التي يحتاج إليها.
الإقامة في الحاضنة:
- مدة الإقامة في الحاضنة (6أشهر- سنة) ريثما يصلب عود المُؤسَّسة المحتضنة تربوياً وفنياً وإدارياً. علماً بأن للمحتضن استقلالية كاملة ولمؤسسته شخصيَّة مستقلة مالياً وإدارياً ووجوده في الحاضنة يساعده على الاستفادة من الخدمات المشتركة والرعاية التي تقدمها الحاضنة.
- يدفع المحتضن أجرة النفقات الأساسيَّة والخدمات وفق معايير السوق. كما يدفع أجور الخدمات العامة الأخرى الفعلية كاملة وحسب استخدامه لها ( فاكس، هاتف، انترنت.. الخ).
- في الحاضنات الافتراضية يستفيد المحتضن من كافة خدمات الحاضنة عدا البناء بالشروط نفسها وهو يعمل خارج أسوار الحاضنة.
رواد الحاضنة:
- يتم انتقاء رواد الحاضنة وفق شروط وضوابط موضوعة مُسبَقاً بحيث يتم انتقاء المستفيد فعلاً من الحاضنة. ومن قواعد القبول:
- تقديم دراسة جدوى لتحديد الاحتياجات الفعلية للرواد وخطة أوليَّة للمستفيدين من الحاضنة.
- أن يكون المنتسبون (المُؤسَّسات) في حاجة إلى خدمات الحاضنة.
- عدد المقيمين في الحاضنة يتحدد حسب السعة المكانية للحاضنة وطاقمها الإداري. ويخصص لكل منهم مابين(10-20) م2. بينما يمكن أن يكون عدد المنتسبين أكبر في الحاضنات الافتراضية.
من هذه الرؤية المتوازنة للتنميَّة، في حاضنة التعلُّم السريع وبوصفها عمليَّة شاملة لمختلف أوجه النشاط في المجتمع بما يحقق رفاه الإنسان ويحفظ كرامته، تنطلق رسالة التربية وجهودها في بناء الإنسان. فالتعلُّم في جوهره إرادة تغيير وإدارة تغيير تنصهر فيه تطلعات الإنسان وتتبلور إرادته وتنطلق جهوده وتستثمر طاقاته من أجل تحقيق الحياة الكريمة الفاضلة للإنسان في الحاضر والمستقبل.
المراجع
- جابر، عبد الحميد ، جابر عبد الحميد (2003)، الذكاءات المُتعدِّدة والفهم - تنميَّة وتعميق، ط1، دار الفكر العربي.
- جاردنر ، هاوراد (2003)، "نظريَّة الذكاءات المُتعدِّدة بعد مرور عشرين سنة"، ورقة عمل مقدمة للجمعية الأمريكية للبحث التربوي، شيكاغو، ألنيوس 12 أبريل: ترجمة محمد السعيد عبد الجواد أبو حلاوة gulfkids.com.
- ماير، ديف (2010)، التعلُّم السريع، الإشراف العلمي: محمد بدرة، ط1، إيلاف ترين للنشر، دبي.
- مركز التعلُّم السريع، مبادئ التعلُّم السريع، دبي.